الثلاثاء، 9 يوليو 2013

9- أمومة مؤلمة

 
 

كانت هى جميلة اسم على مسمى، جميلة هى فتاة في العاشرة من عمرها تحمل آيات الجمال كلها سواء في خَلقها أو خٌلقها، لقد توفى والديها منذ عام في حادث مروع ليتركوها هى وأشقاءها الصغار وحدهم.

ابتسمت جميلة وهى تتذكر ذلك ناظرة إلى أشقاءها الثلاثة التى كانت هى أكبرهم عمراً، أجل ابتسمت ذات الابتسامة المريرة التى لا تفارق وجهها مطلقاً، لا أحد يستطيع أن يعلم كيف استطاعت ذوات العشرة أعوام أن تجمع بين الفرحة حينما تنظر لأشقاءها والمرارة وهى تنظر للمجتمع التى أهملهم، لقد أصقلتها التجربة حقاً.

لكم تمنت لو تصرخ في الجميع وهى تربت على أكتاف أشقاءها وتضمهم إلى صدرها بأمومة أنضجتها المرارة التى أنبعثت من موت والديها.
أجل لقد تمنت حقاً أن تصرخ بجميع من يحيطون بها لتعلمهم أنها أيضاً طفلة بحاجة إلى من يربت على كتفيها ويشعرها بالأمان المحرومة منه.

لقد اعتادت على الصمت حتى أتقنته ربما لأنها لا تجيد غيره، كان أشقاءها يوماً بعد يوم يسألونها الأسئلة المعتادة: أين أبى؟! أين أمى ؟! لماذا ذهبا ؟! ماذا سوف يحدث لنا؟! وغيرها وغيرها وهى لا تملك إي إجابة تستطيع أن تمنحها لهم.
لقد اتقنت الصمت تماماً واستبدلته بتلك الابتسامة المملوءة بالأمل والحنان التى تغمرهم بها، رغم ما بداخلها من صراخ وخوف من الغد يظهر في نظرات عينيها الحائرة خلف ابتسامتها.

لقد كانت تتساءل حقاً هل من الممكن أن يستطيع شخصاً ما أن يجمع بين الحب والكراهية في آن واحد كما تفعل هى ؟!
أجل لقد استطاعت بكل جدارة أن تجمع بين حبها اللامتناهى لأشقاءها والذى يسكن كل خلية من خلايا قلبها، ولا ينافسه شئ على الإطلاق سوى كراهيتها لمجتمع أهملهم دون أدنى شفقة أو رحمة.

كل يوم تتساءل لماذا لم يستطيع أحد أن يفهم مشاعرهم ؟!
كانت تعلم يقيناً الإجابةً بداخلها فقد اختار الجميع أن يغمضوا أعينهم ويصموا آذانهم ويصمتوا عن الكلام حتى قتلوا آدميتهم شخص بعد آخر.

والآن هل من الممكن أن يتواجد ولو شخص واحد في هذا المجتمع مازال إنساناً حقاً ؟
لم تكن جميلة تظن هذا أبداً، ومن يدرى ربما كانت محقة !


Dina

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق