الاثنين، 8 يوليو 2013

8- حلم السماء


لا أتذكر حقاً متى كانت البداية، ولكن منذ أن بدأت ذاكرتى تلم ببعض الذكريات التى لا يطويها النسيان، أتذكر جيداً كل صباح كنت أركض بقوة نحو الشرفة لأتطلع إليها ممتدة زرقاء صافية، وأحياناً يشوبها بعض السحب البيضاء.
وأيضاً أتذكر أنى كنت أراقبها كل ليلة قبل النوم وهى ممتدة مظلمة يتلألأ بها جواهر متراصة حُلمت يوماً أن أمتلك احداها حتى قبل أن أعرف أن اسمها نجوم.
أجل كانت هذه البداية حينما بدأ حلمى الأزلى للوصول يوماً للسماء.

لقد كبر الحلم بزيادة عمرى يوماً بعد يوم، وأنا أرى السماء ممتدة والطيور تنطلق بها دون أدنى عوائق تمنعها من الذهاب لأى مكان تريده.
كانت السماء منذ نعومة أظافرى رمز للحرية والانطلاق بلا حدود، وكلما أكبر أجد نفسى استمر بالتساؤل: هل سوف أطير يوماً في السماء ؟!
والسؤال الأهم: بعد أن يتحقق حلمى بالطيران، هل سأشعر بالحرية ذاتها التى أشعر بها بالنظر للسماء ؟!

والآن حينما أفكر وأنا أنظر للسماء رغم أنى ما زلت أشعر بالمشاعر ذاتها التى أشعر بها منذ أن كنت طفلة، تراودنى العديد من الأسئلة أهمها: لماذا كانت دوماً السماء مرتبطى معى بالانطلاق ؟!
وحينما أقصد الانطلاق هنا أعنيه بكل شئ سواء انطلاق في الأفعال أو انطلاق الأفكار أو حتى انطلاق المشاعر.

هل هناك سحر ما في تلك المعجزة الربانية الممتدة فوقنا تساعد على الشعور بذلك المزيج الرائع بالحرية والرغبة المدهشة في الانطلاق ؟!
وهل هذه القوة السحرية المتواجدة في السماء هي ما تشعرك بانطلاق كل من يقترب منها ؟!
ربما لأجل ذلك تتميز الطيور بالاندفاع دون حدود غير مبالية بحدود الأماكن، كما تفعل أغلب الحيوانات التى تدافع عن منطقتها جيداً ولا تبتعد عنها.

وهل من الممكن أن شعور الانطلاق الذى أشعر به بمجرد النظر للسماء قد وُلد لدى وكبر بنمو علاقتى الأزلية بها منذ طفولتى ؟!
كل هذه الأسئلة تدور في عقلى تجعلنى أشعر أيضاً حينما أتأمل السماء بمزيج من الحيرة والرهبة.

والآن ينتابنى شعور خوف بتساءل: هل من الممكن أن تفقد الطيور يوماً رغبتها في الانطلاق وتكتفى بالبقاء على الجذع بدلاً من الطيران ؟!
ربما من يدرى كما يفقد الإنسان يوماً رغبته في الانطلاق وسط صراعات الحياة، يفقد الطير يوماً رغبته في الطيران.
من يدرى !


Dina

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق