الأربعاء، 24 يوليو 2013

24- ذكرى !

إنه الخامس عشر من رمضان، عاماً آخر يمر، وترقد أنتَ يا أبى تحت التراب بينما أكبر أنا عاماً آخر بدونك، أجل إنها الذكرى السنوية التى لم أعتد أن أذكرها حتى والتى لا أعرف لماذا وجدت الشجاعة هذا العام لأكتب عنها.

حينما كان عمرى خمس سنوات وعدة أشهر توفى هو في حادث في منتصف رمضان، مات قبل عدة أيام من عيد الفطر المبارك تاركاً إيانا لأول عيد لم نحتفل به معاً.

معذرة أبى أنا لا أتذكر جيداً كثيراً عنك، أجل مجرد عدة مواقف لا تكفى أن أعيش على ذكراها، لا تقلق يا أبى أبيت أن أتخذ لك بديلاً حتى لو كان أقرب المقربين، وهل يوجد من الأساس أحد تضمن أن يكون بديلاً للأب والأم، ولكن رغم ذلك كنت بحاجة إلى أب، لهذا اتخذت من شخصية وهمية من رواية أب لى لأشعر فقط بأمان وجوده في حياتى.

أبداً لم يفهم أحد مشاعرى إلا شخص قد عانى ما عانيته، يظن الجميع أن الأمر بسيطاً معللين أن هكذا أفضل لأنك كنت صغيرة أقلها لا تتذكرين الكثير، ولن تشعرى بأي مشاعر فقدان، يضحكنى بمرارة تعليقاتهم في أى موقف وهم يخبروننى بثقة مملوءة بالشفقة: وهل تتذكرين شيئاً من الأساس ؟!

لم يفهم الجميع أن هذا أكثر ما يحنقنى، ولم يعوا مطلقاً نوعية مشاعر الفقد التى أعانيها، أجل لقد كنت صغيرة لا أتذكر سوى عدة مواقف، ولكن مع كل موقف أمر به في حياتى بحاجة إلى أب أشعر بفقدان ممزوج بالاحتياج، أجل أكثر ما أفتقده فقدان الذكريات التى لا أمتلكها، ويثير غيظى توقعات الناس التى تعرفه في أي موقف يُذكر فيه: لو كان والدك هنا كان فعل هذا أو لم يفعل هذا.

من قال أن الموت حينما يأتى والشخص كبير يكون أصعب وأقسى، هل لأن وقتها سوف تبقى الذكريات التى ستكون مؤلمة برحيل الشخص، لا أحد يفهم مطلقاً أن أكثر شيئاً كنت أحتاجه هى ذكريات تسمح لى بالاستمرار بدلاً من الفراغ الذى يحيط بالذكرى.

أبى إنها أول مرة أكتب عنك، ومن يدرى ربما تكن الأخيرة ولكن بصدق أنا أفتقد وجودك في حياتى.


Dina ~ 24-7-2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق